آلاء عبد العزيز بين الجدل والتشخيصات العشوائية

يوسف محمد رضا6 فبراير 202521 مشاهدةآخر تحديث :
آلاء عبد العزيز بين الجدل والتشخيصات العشوائية

في الأيام الأخيرة تصدّر اسم آلاء عبد العزيز مواقع التواصل الاجتماعي بعد إعلانها أنها تعاني من اضطراب نفسي وخلعها للحجاب. وكالعادة، انقسمت آراء الجمهور بين متعاطف يرى أنها تمر بأزمة نفسية، وبين مشكك يعتقد أنها تسعى فقط للفت الانتباه. لكن وسط كل هذا الجدل، ظهرت مشكلة أكبر: انتشار التشخيصات العشوائية لحالتها، حيث بدأ البعض يقول إنها مصابة بـ”الفصام”، بينما ذهب آخرون إلى أنها تعاني من “اضطراب ثنائي القطب”، دون أي دليل طبي أو تقييم حقيقي من مختص.

 

هل يمكن لأي شخص تشخيص نفسه؟

لتوضيح هذه المسألة، تواصلت “الخبر اليوم” مع الدكتورة ملك محمود، استشاري العلاج النفسي،

والتي أكدت أن تشخيص الاضطرابات النفسية ليس أمرًا يمكن لأي شخص القيام به، سواء لنفسه أو للآخرين. تقول د. ملك:

 

التشخيص النفسي عملية معقدة تتطلب تقييمًا دقيقًا من طبيب أو معالج متخصص. لا يمكن لشخص عادي، مهما كان متابعًا للموضوع، أن يقرر أن شخصًا ما يعاني من الفصام أو ثنائي القطب لمجرد مشاهدة تصرفاته على السوشيال ميديا. الأمر أشبه بأن يكون لديك صداع فتقول إن لديك ورمًا في المخ! نفس الفكرة مع الأمراض النفسية.

هل تعاني آلاء من الفصام؟

واحدة من أكثر التشخيصات المنتشرة عن آلاء أنها مصابة بـالفصام، لكن الحقيقة أن هذا المرض النفسي المعقد لا يُشخّص بهذه البساطة. الفصام ليس مجرد “شخصية منقسمة”، كما يظن البعض، لكنه اضطراب شديد يتميز بـ:

الهلوسة: سماع أو رؤية أشياء غير موجودة.

الأوهام: تصديق أفكار غريبة لا تمت للواقع بصلة.

التفكير غير المنطقي: التحدث بأسلوب غير مترابط أو غير مفهوم.

السلوك الغريب أو غير المتوقع.

العزلة الاجتماعية وفقدان الاهتمام بالحياة.

من خلال متابعة تصريحات وتصرفات آلاء، لا يبدو أنها تعاني من هذه الأعراض بالدرجة التي تؤكد إصابتها بالفصام. لكن كما قالت د. ملك: “لا يمكن لأي شخص الجزم بذلك سوى من خلال فحص طبي دقيق.”

ماذا عن اضطراب ثنائي القطب؟

التشخيص الثاني الذي انتشر هو أن آلاء تعاني من اضطراب ثنائي القطب، وهو مرض نفسي يتميز بتقلبات مزاجية حادة بين:

نوبات الهوس: طاقة مفرطة، كلام سريع، تصرفات متهورة، وثقة زائدة بالنفس.

نوبات الاكتئاب: إحساس بالحزن الشديد، فقدان الطاقة، وعدم الاهتمام بالحياة.

ورغم أن بعض تصرفات آلاء قد تبدو غير مستقرة، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنها مصابة بثنائي القطب، لأن هذا الاضطراب يحتاج إلى تقييم طويل ودقيق، وليس مجرد ملاحظة بعض السلوكيات العاطفية المتغيرة.

مشكلة “التشخيص عبر السوشيال ميديا”

ما حدث مع آلاء يسلّط الضوء على مشكلة أكبر، وهي انتشار “التشخيصات العشوائية” على مواقع التواصل الاجتماعي. أصبح الناس يتعاملون مع الأمراض النفسية وكأنها مجرد موضة، حيث يكفي أن يمر شخص بحالة حزن أو تقلب مزاجي ليعلن أنه يعاني من “الاكتئاب” أو “ثنائي القطب”. هذه الظاهرة تؤذي الأشخاص الذين يعانون بالفعل من اضطرابات نفسية، لأنها تقلل من خطورة الأمر وتحوله إلى شيء شائع يمكن للجميع التحدث عنه بدون وعي أو معرفة حقيقية.

تضيف د. ملك:

> “المرض النفسي ليس مجرد مصطلح نطلقه على أنفسنا عندما نشعر بالحزن أو الغضب. هو حالة طبية تحتاج إلى تشخيص دقيق وعلاج مناسب، وليس مجرد موضوع للنقاش العشوائي على الإنترنت.”

ما الحل؟

إذا كانت آلاء تعاني من مشكلة نفسية حقيقية، فإن الحل ليس في آلَتٌحًلَيَلَ العشوائي على السوشيال ميديا، بل في اللجوء إلى طبيب نفسي متخصص يساعدها على فهم حالتها وعلاجها بشكل صحيح.

أما نحن كمجتمع، فعلينا أن:

1. نتوقف عن نشر التشخيصات العشوائية: ليس كل شخص متقلب المزاج مصاب باضطراب نفسي، وليس كل شخص يعاني من مشكلة نفسية يحتاج إلى وصمة مرضية.

2. نحترم الصحة النفسية كفرع طبي مهم: كما لا نشخص لأنفسنا الأمراض الجسدية، لا يجب أن نفعل ذلك مع الأمراض النفسية.

3. ندعم الأشخاص الذين يمرون بأزمات نفسية بدلاً من إطلاق الأحكام عليهم أو السخرية من حالتهم.

الخلاصة

آلاء عبد العزيز ربما تعاني من مشكلة نفسية، لكنها تحتاج إلى تشخيص طبي دقيق، وليس تحليلات الإنترنت.

الفصام وثنائي القطب أمراض نفسية معقدة لا يمكن الحكم بها لمجرد مشاهدة فيديوهات شخص يتحدث عن مشاكله.

علينا التوقف عن تحويل الأمراض النفسية إلى “ترند” والتعامل معها بجدية واحترام.

إذا كنت تشعر بأنك تعاني نفسيًا، لا تتردد في طلب المساعدة من مختص، فالصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية.

وأخيرًا… المرض النفسي ليس وصمة عار، لكنه مسؤولية تحتاج إلى وعي وعلاج صحيح.

الاخبار العاجلة