صوت مصر الدافئ: مهرجان سماع الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية في دورته الـ 17
هذا ما أطلقته أسرة مهرجان سماع الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية في دورته الـ 17، حيث استطاع مداح مولانا الشيخ عبدالرحمن السنوسي جذب الانتباه لكل الفرق المشاركة من أنحاء العالم، والتي تمتاز بتنوع ثقافاتها ولغاتها المختلفة. وقد أشيد بأدائه المميز، الذي يجسد روح الفن الأصيل ويعكس غنى التراث المصري.
مؤسس ورئيس المهرجان، الفنان انتصار عبدالفتاح، هو صاحب الفكرة والرؤية والإخراج للمهرجان. وقد أطلق لقب “صوت مصر الدافئ” على الأداء الصادق للشيخ السنوسي، الذي يتمتع بصوت فطري جميل يتجلى من أعماق صعيد مصر. جاء ليصدح في القاهرة المعزية، بين جنبات الحضارة والإنشاد، حيث يشدو السنوسي بأجمل الألحان، مما أضفى على الأجواء روحًا من السكينة والطمأنينة.
قدم السنوسي مجموعة من القصائد التراثية المدحية المتنوعة من عدة مشارب لناظمي هذه القوافى، ما بين تراث الزعامة المحمدية وتراث الشيخ صالح الجعفري، وتراث الشيخ حامد الجبال، والتراث الجزولي. كل قصيدة كانت تعكس عمق الروحانية والحس الفني، ما جعل الجمهور يشعر بأنهم جزء من هذا الميراث الثقافي الغني.
هذا المهرجان لم يكن مجرد احتفال بالموسيقى، بل كان بمثابة منصة حقيقية لتبادل الثقافات والفنون، حيث استقطب الفرق من مختلف البلدان، لتقديم عروض تعكس التنوع الثقافي وتبرز الجمال الموجود في كل ثقافة. فقد شهد المهرجان تواجد فنانين من بلاد متعددة، يشاركون بأغانيهم وأدائهم، مما أعطى الحدث طابعًا عالميًا.
تفاعل الجمهور كان لافتًا، حيث رددوا مع الشيخ السنوسي بعض الأناشيد، مما أظهر كيف يمكن للموسيقى أن تجمع بين القلوب، وأن تكون جسرًا للتواصل بين الثقافات المختلفة. لم يكن الحضور مجرد متلقين، بل كانوا جزءًا من تجربة جماعية تُعبر عن حبهم للموسيقى والروحانيات. هذه اللحظات من الانسجام والفهم المتبادل تجعل من المهرجان حدثًا لا يُنسى، حيث تتعانق الألحان مع الأرواح.
إن مهرجان سماع الدولي للإنشاد والموسيقى الروحية يرسخ مكانته كأحد أهم الفعاليات الفنية في المنطقة، حيث يجمع بين الأصالة والمعاصرة. فهو لا يعكس فقط جمال الفنون الروحية، بل يعزز من الهوية الثقافية المصرية، ويظهر للعالم أن مصر قادرة على أن تكون منارة للثقافات المختلفة.
من خلال هذه الدورة، أظهر المهرجان قدرته على تقديم تجربة فريدة من نوعها، حيث تجتمع الأجيال المختلفة، وتُعبر كل منها عن مشاعرها وآمالها من خلال الفن. إن الروح الجماعية التي تسود المهرجان تبرز أهمية الفنون في بناء الجسور بين الناس، وتعزيز قيم التعايش والتسامح.
في الختام، يمثل مهرجان سماع الدولي أكثر من مجرد احتفال بالموسيقى، فهو تجربة فنية وروحية عميقة تؤكد على أهمية الفنون في حياتنا. يبقى “صوت مصر الدافئ” رمزًا للإبداع والثراء الثقافي، يعبر عن عمق التراث ويعزز من قيم التعايش والتواصل بين الشعوب، تاركًا أثرًا لا يُمحى في قلوب جميع من حضروا.