قرأت لك.. “المسرح وقرينه” أنطونين أرتو يدين المسرح التقليدى – جريدة الخبر اليوم
يعد أنطونين أرتو امتدادا طبيعيا لاتجاهات رفض الواقعية والتمرد عليها، لكنه ذهب إلى مدى أبعد من الذى ذهب إليه أصحاب اتجاهات مناهضة الواقعية، لقد التقت أفكار أرتو مع الكثير من آراء شعراء العرض المسرحى “كريج وأبيا”، لكنه تميز عنهما فى قدرته على صياغة نظرية قائمة بذاتها.
وأرتو فى هذا الكتاب يحلم بمسرح آخر، مختلف عن المسرح الفرنسى الذى كان لا يزال يبحث عن التوازن بين النص والعرض، وخصوصًا بعدما انضم إلى رواد السوريالية الذين كانوا ينددون باتخاذ مسافة عن كل ما هو “أدبى”، وإذا كان أرتو قد انضم إلى هذه الحركة، فسرعان ما تخلى عنها. اتهم أرتو السورياليين بمهاجمتهم اللغة الواضحة، والتواصل العادي، في وقت كانوا يستخدمون إحدى الاثنتين. يشمل هذا الرفض الروائع أيضًا، فيعنون إحدى مقالاته فلننته من الروائع، ويتجه نحو الخلق الجديد، من خلال الكتابة الجديدة، لتحريرها من تقاليد الماضي.
يتناول مسرحية أوديب ملكًا كمثال، ليكشف عن القوى الهائمة على وجهها، والحب المحرَّم بين الأم وابنها، وسخرية الطبيعة من الأخلاقيات. يقول إن هذا النص يجسد بشكل مادي تلك القوى، تحت ثياب ولغة فقدت كل صلة بالإيقاع الخشن، لكنه يظهر أيضًا أن النص لم يعد ملائمًا لعصرنا.
يثير أرتو المشكلات المتعلقة باللغة ذات الاتصالات المجردة تمامًا، التي فقدت قوة علاقتها مع الواقع، حيث التباين الأكيد بين الواقع والواقع المعبَّر عنه من طريق اللغة. ثمة في اللغة الغربية نوع من “التحجر الكلامي” بحسب رأيه. مثل مالارميه، يعتقد أن الكلمات فقدت قوتها الاستذكارية، والموسيقية، وإمكاناتها على إثارة العواطف. بهذا ينضمَّان إلى رأي كلوديل الذي يرى أن وظيفة الشاعر إعطاء معنى آخر للكلمة. غيَّر أرتو وجهة هذا المفهوم عندما نقله إلى المسرح، بعدما دمَّر اللغة من أجل رفضها على نحو أفضل. وهاجم علم النفس عندما يكون النص مرتبطًا به ارتباطًا جوهريًا.